ترجمة: النظرية الكمية للنقد
كاتب المقال: Reem Heakal
عنوان المقال: What is the Quantity Theory of Money?
تاريخ المقال: May 26, 2018
ظهر مفهوم النظرية الكمية للنقد (QTM) في القرن السادس عشر، وبسبب تدفقات الذهب والفضة من أمريكا إلى أوروبا والتي يتم سكها إلى عملات معدنية، زاد التضخم. فافترض الاقتصادي Henry Thornton عام ١٨٠٢ أن زيادة النقد تعني مزيداً من التضخم، وأن زيادة العرض النقدي لا تعني بالضرورة زيادة في الناتج الاقتصادي،.
فما هي الافتراضات والحسابات التي تستند إليها QTM، وما علاقتها بالنظرية النقدية؟
تنص نظرية كمية النقد على أن هنالك علاقة مباشرة بين كمية النقد الموجودة في الاقتصاد ومستوى أسعار السلع والخدمات المباعة. ووفقاً ل QTM، إذا تضاعف حجم النقود في اقتصاد ما، فإن مستويات الأسعار تتضاعف أيضاً، مما يسبب التضخم (وهي النسبة المئوية التي يرتفع بها مستوى الأسعار في الاقتصاد)؛ لذلك يدفع المستهلك مبلغاً مضاعفاً مقابل نفس المقدار من السلعة أو الخدمة.
هناك طريقة أخرى لفهم هذه النظرية وهي الاعتراف بأن النقد هو كأي سلعة أخرى حيث تؤدي الزيادة في عرضه إلى انخفاض قيمته الحدية (أي القدرة الشرائية لوحدة واحدة من النقد). لذا فإن الزيادة في المعروض النقدي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار (التضخم) وكأنها تعوض الانخفاض في القيمة النقد الهامشية.
حسابات النظرية:
يمكن التعبير عن النظرية على النحو التالي، معادلة فيشر:
M.V = P.T
حيث أن:
M المعروض النقدي
V سرعة التداول (عدد المرات التي يتغير فيها النقد في اليد)
P مستوى متوسط السعر
T حجم التعاملات من السلع والخدمات
تعتبر النظرية الأصلية متشددة بين الاقتصاديين الكلاسيكيين في القرن السابع عشر، وقد تم إصلاحها في القرن العشرين من قبل الاقتصادي Irving Fisher الذي صاغ المعادلة المذكورة، والاقتصادي Milton Friedman. حيث تم إعادة صياغتها على أساس “معادلة التبادل”:
إجمالي الإنفاق = كمية النقد × سرعة التداول
فإذا كان في دورة الاقتصاد ٣ دولارات، وتم إنفاق ٣ دولارات خمس مرات في الشهر، فإن إجمالي الإنفاق للشهر سيكون ١٥ دولاراً.
افتراضات النظرية
تفترض النظرية أن سرعة التداول V وحجم التعاملات T ثابتان على المدى القصير. ورغم ذلك، اُنتقدت هذه الافتراضات، خاصة ما يتعلق بافتراض ثبات V؛ فسرعة التداول تعتمد على تغيرات إنفاق المستهلكين وقطاع الأعمال، والتي لا يمكن أن تكون ثابتة.
كما تفترض النظرية أن كمية النقد، تحددها قوى خارجية، كحجم النشاط الاقتصادي في المجتمع، والتغير في مستويات الأسعار، والتغير في عرض السلع والخدمات. وعليه فإن التغير في مخزون النقد تسبب تغيراً في الإنفاق. أما سرعة التداول فلا تعتمد على مقدار النقد المتاح أو مستوى الأسعار السائدة بل على تغيرات مستويات الأسعار.
وأخيراً، يتم تحديد عدد التعاملات T من خلال العمل ورأس المال والموارد الطبيعية (بمعنى عوامل الإنتاج) والمعرفة والتنظيم. وتفترض النظرية وجود اقتصاد في حالة توازن وعند التوظيف الكامل.
تشير افتراضات النظرية إلى أنه يتم تحديد قيمة النقد بمقدار ما هو متاح في دورة الاقتصاد، وتؤدي الزيادة في عرض النقود إلى انخفاض قيمته؛ فالزيادة في المعروض النقدي تؤدي إلى ارتفاع التضخم. ومع ارتفاع التضخم، تنخفض القوة الشرائية، أو قيمة النقد. لذلك سيحتاج شراء نفس الكمية من السلع أو الخدمات نقوداً أكثر.
العرض النقدي والتضخم، والمدرسة النقدية:
حسب QTM فإن كمية النقد تحدد قيمته، وهذا هو حجر الزاوية للمدرسة النقدية.
تقول النظرية النقدية أن الزيادة السريعة في المعروض من النقود يؤدي إلى زيادة سريعة في التضخم؛ فنمو حجم النقود بما يفوق نمو الناتج الاقتصادي يؤدي إلى التضخم، حيث أن هناك نقد كثير وراء كمية محدودة من السلع والخدمات. وللحد من التضخم، يجب خفض نمو النقود عن نمو الناتج الاقتصادي.
تساعد هذه الفرضية في كيفية إدارة السياسة النقدية. وتعتقد النظرية النقدية أن العرض النقدي يجب أن يبقى ضمن عرض نطاق مقبول حتى يمكن التحكم في مستويات التضخم. وبالتالي، وعلى المدى القصير، يتفق معظم أهل السياسة النقدية على أن زيادة المعروض من النقود يمكن أن تقدم دفعة سريعة إلى اقتصاد مذهل يحتاج إلى زيادة الإنتاج. أما على المدى الطويل، فإن آثار السياسة النقدية لا تزال مشوشة.
من ناحية أخرى، فإن قلة من النقديين المتشددين يرون أن عرض النقود الموسع لن يكون له أي تأثير على النشاط الاقتصادي الحقيقي (كالإنتاج ومستويات التوظيف والإنفاق وما إلى ذلك). أما معظم أصحاب النظريات النقدية، فيرون أن السياسة المناهضة للتضخم، يجب أن تكون بالخفض التدريجي لعرض النقود. ويعتقد الخبراء النقديون أنه بدل استمرار الحكومات تعديل سياساتها الاقتصادية (أي الإنفاق الحكومي والضرائب)، فإن الأفضل لها السماح للسياسات غير التضخمية (أي التخفيض التدريجي للعرض النقدي) بتوجيه الاقتصاد نحو التوظيف الكامل.
إعادة اختبار النظرية:
ذكر كينز في ثلاثينات القرن الماضي: أن الزيادة في عرض النقود تؤدي إلى انخفاض في سرعة التداول، وهذا يكافئ الدخل الحقيقي، ويزيد من تدفق النقد إلى عوامل الإنتاج. لذلك، قد تتغير السرعة استجابة للتغير في عرض النقود. وقد اعترف لاحقا العديد من الاقتصاديين بأن فكرة كينز دقيقة.
كانت النظرية النقدية، كما هي متجذرة، تحظى بشعبية كبيرة في الثمانينيات بين بعض الاقتصادات الرئيسية كالولايات المتحدة وبريطانيا في عهدي (رونالد ريغان ومارغريت تاتشر). في ذلك الوقت، حاول القادة تطبيق مبادئ النظرية على الاقتصادات بعد تحديد أهداف النمو النقدي. ومع ذلك، وبمرور الوقت، اعترف الكثيرون بأن التشدد بعرض النقود ليس علاجاً للاقتصادات المعتلة.