الاقتصاد

3 عوامل عززت صعود الذهب لأعلى المستويات فما هي؟

سجلت أسعار الذهب ارتفاعات متوالية لم يسجلها سابقاً، مدعوماً بتراجع الدولار وإقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة في ظل القلق حول تعافي الاقتصاد العالمي وتوتر العلاقات الأميركية الصينية.

وأثار هذا الصعود شهية المستثمرين وجعلهم يتحينوا الفرصة لتكوين مراكز شرائية جديدة، لجني أرباح الصعود القياسي الذي يستهدفها المعدن النفيس مع ضعف الدولار الأميركي وتصاعد التوترات الجيوسياسية بين أكبر الولايات المتحدة والصين، ولخص المتخصصون 3 عوامل وراء الصعود الصاروخي للمعدن الثمين .

وارتفع سعر الذهب بالمعاملات الفورية نحو 17 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020 بعد تكالب المستثمرين المذعورين على شراء المعدن الأصفر الذي يُعتبر ملاذاً آمناً. وسجل الذهب مستوى قياسياً عند 1981 دولار للأوقية.

ويميل الذهب للاستفادة من تدابير التحفيز واسعة النطاق من البنوك المركزية، إذ إنه يُعتبر تحوطاً في مواجهة التضخم وانخفاض العملة. فيما يقبع مؤشر الدولار قرب أدنى مستوى في عامين.

وفي هذا الشأن قال المتخصصون في إفادات متفرقة لـ”اندبندنت عربية”، إن الذهب أخذ مساراً إيجابياً كأفضل الأصول للاستثمار خلال أزمة كورونا، وبعد كل موجة صعودية قوية للمعدن الأصفر نشهد عملية تصحيح قوي، متوقعين تراجع الأسعار قبل أن تُستأنف رحلة الصعود مع بقاء العوامل المؤثرة. وتجاوز سعر المعدن النفيس أعلى مستوياته على الإطلاق والمسجل عند 1920.70 دولار للأوقية في عام 2011.

الذهب يتراجع

وتحول الذهب إلى الخسائر بعد مكاسب بالتعاملات المبكرة، بعد صعود قياسي في حين عوض الدولار جزءاً من خسائره إلا أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين والمراهنة على تأكيد مجلس الاحتياطي الاتحادي، على سياسات ميسرة دعم إغراء الذهب كملاذ آمن.

وانخفض الذهب في التعاملات الفورية 0.37 في المئة إلى 1935.33 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 1357 بتوقيت غرينتش وسجل أعلى مستوى خلال الجلسة عند 1981.13 دولار للأوقية، ويرجع الهبوط إلى مبيعات لجني الأرباح. وارتفع مؤشر الدولار من أقل مستوى في عامين مع ترقب السوق إقرار حزمة إنقاذ مالي جديدة.

عملية تصحيح

من جانبه، قال جون لوكا، مدير التطوير بشركة “ثينك ماركتس” البريطانية، إن الذهب أخذ مساراً إيجابياً كأفضل الأصول للاستثمار خلال الأشهر القليلة الماضية، مضيفاً، “بعد كل موجة صعودية قوية للمعدن الأصفر نشهد عملية تصحيح قوي، ومن المتوقع أن تتم عملية التصحيح قرب مستوى 1800-1820 دولاراً وسيكون فرصة جيدة لبناء مراكز شرائية في اتجاه مستوى المقاومة 2100-2120 دولاراً للأوقية وفي ظل العوامل الحالية ستصل لهذا السعر والأمر مجرد وقت”.

وينصح لوكا المستثمرين بترقب الفرصة لحين هبوط الأسعار واستقرارها قرب منطقة دعم معينة حتى يستأنفوا ضخ السيولة في الذهب.

الذهب معرض إلى الهبوط

وقال مايكل مكارثي من “سي إم سي ماركتس”، “حدثت زيادة حادة على مدار ثماني جلسات من 1800 دولار صعوداً إلى 1980 دولاراً ومثل هذا الصعود بأي سوق في فترة قصيرة كتلك يجعلها معرضة للهبوط”.

وأضاف، “قد يؤدي تحول طفيف في اتجاه الدولار لتخارج من كوّنوا مراكز دائنة ويشعرون بقلق، ولكن ما مِن تغيير في العوامل الأساسية”.

3  عوامل مؤثرة

وقال رجب حامد، المدير الشريك بمجموعة سبائك، إن الذهب حقق مكاسب للأسبوع السابع على التوالي مستفيداً من 3 عوامل رئيسة تتضمن تصاعد حدة التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وضعف الدولار، فضلاً عن حالة عدم اليقين بشأن تجدد تفشي موجة ثانية من فيروس كورونا.

وتابع، “جاء الضعف الحاد للدولار في تحول المستثمرين إلى المعادن في مقدمتها الذهب كملاذ آمن، ومن المتوقع أن يواصل مؤشر الدولار الهبوط لأدنى مستوى 94 نقطة في حالة استمرت برامج التحفيز الأميركية والأوروبية”.

وأشار حامد إلى أن هناك تزايداً في أعداد الإصابات بفيروس كورونا تعزز الإقبال على الذهب، لا سيما مع ارتفاع وتيرة الإصابات واقترابها من 17 مليون إصابة، وتزايد المخاوف بتجدد موجة تفشي ثانية مع اختفاء شهية المخاطرة بالأسواق وانخفاض عوائد السندات.

وأفاد بأن “ارتفاع أوقية الذهب متجاوزة مستوى 1900 دولار كان أمراً متوقعاً ولكن ليس بهذه الحدة في الصعود، مع بداية يوليو (تموز) كانت 1780 دولاراً وزادت أكثر من 125 دولاراً حتى تداولات الجمعة الماضية منها 87 دولاراً الأسبوع الأخير. وتميل التوقعات بقوة نحو التصحيح والهبوط إلى 1880 دولاراً أو أقل وتعتبر أقصى درجات الهبوط لأنها ستمثل مراكز شراء جيدة لمن فاتهم قطار الشراء من قبل”.

عوامل مساعدة

وفي هذا الشأن، قال رائد خضر، رئيس قسم البحوث لدى “إيكويتي غروب” العالمية، التي تتخذ من لندن مقراً رئيساً لها، إن الذهب تمكن من تحقيق مستوى قياسي جديد ويحلق فوق مستويات قمته السابقة التي حققها منذ أقل من عقد من الزمن، ليفتح أمامه طريقاً نحو الارتفاعات بدعم رئيس من عوامل مساعدة بينها عوامل منشطة للارتفاع وأخرى مثبتة للمستويات المرتفعة الحالية.

وأضاف خضر، أن العوامل الداعمة للارتفاع المقصود بها هي الأحداث العينية التي سببت سلسلة من الارتفاعات الحادة، تماماً كما حدث مع مقتل قاسم سليماني في يناير (كانون الثاني) الماضي الذي سبب ارتفاعاً قوياً في الذهب مع توقع تصعيد التوترات الجيوسياسية آنذاك وإمكانية اندلاع حرب، ومع مستويات تقارب الـ1950 دولاراً للأونصة فإن العامل الرئيس في الصعود هذه المرة التوتر السياسي بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وقرارات متبادلة وتهديدات بإغلاق السفارات.

وأفاد بأن العوامل الداعمة لموجات الصعود تشمل أيضا سياسات تيسيرية وأموالاً رخيصة نتيجة أسعار الفائدة الصفرية وبرامج التيسير الكمي والحزم الضخمة التي تنفقها الدول العظمى للتخفيف من الأثر السلبي لكوفيد-19.

وأكد أنه لا يوجد أمام المستثمرين وصناديق التحوط خيارٌ سوى التوجه إما نحو أصول ذات مخاطرة مرتفعة مدعومة بالتسهيلات النقدية والمالية كالأسهم أو الذهب الذي إن لم يُدر عائداً، فهو لا يُسبب تكاليف، كما يحدث الآن بالنسبة لأسعار الفائدة السلبية والعوائد على السندات، التي أصبحت أيضاً بالمنطقة السلبية كما في ألمانيا، أو غير جذابة، كما هي حال السندات الأميركية الآن.

وتابع خضر، “أنه يتم التحوط بالذهب لتغطية أي خسائر قد تحدث على الممتلكات من الأصول ذات العوائد المرتفعة، ولعل البعض قد يقول حالياً وهو طبيعي جداً إن أسعار الذهب ارتفعت بشكل كبير، وقد لا تتمكن من الارتفاع أكثر”.

وقال، “إنه يجب أن نضع نُصب أعيننا مخاوف الأسواق بشأن تعافي الاقتصاد العالمي جراء انتشار كوفيد-19 والقلق من موجة ثانية للفيروس، قد تدفع العالم خطوات للوراء بعد أن بدأت أغلب الدول التخلي عن إجراءات الإغلاق وعودة نشاطها الاقتصادي مرة أخرى بشكل تدريجي، وهو ما انعكس بشكل واضح على أداء بعض القطاعات حول العالم”.

وأضاف، “إذا ما نظرنا إلى صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب سنجدها سجلت شهرها السابع على التوالي من التدفقات الإيجابية، وبذلك يرتفع صافي التدفقات العالمية في النصف الأول من 2020، بقيمة 39.5 مليار دولار، حيث بلغت قيمة تدفقات الذهب نحو 734 طناً خلال هذه الفترة مسجلة نحو 45 في المئة من إنتاج الذهب العالمي”.

وأكد أنه لا تزال البيئة المحيطة تدعم مزيداً من الاستثمار في الذهب، وربما نراه قبل نهاية العام يتخطى مستويات الـ2000 دولار للأونصة.

وأشار إلى أنه من الصعب رؤية تراجع الذهب بشكل كبير، حتى وإن حدث تراجع فسيكون تراجعاً تصحيحياً، ولن يفقد الذهب الكثير.

ويرى رئيس قسم البحوث لدى “إيكويتي جروب”، أن المعدن الثمين سيبقى فوق مستويات 1900 دولار للأونصة بينما نطاق الارتفاعات قد يكون أكثر اتساعاً، كما أن مستويات 2200 دولار للأونصة قد تكون مستويات قريبة في الأفق القصير إلى المتوسط الذي قد يتحقق خلال هذا العام أو مطلع العام المقبل.

موجة صاعدة

ووفقاً لتقرير سابق لـ”بنك أوف أميركا”، فإن التحليلات الفنية تشير إلى أن سعر الذهب قد يصل لمستوى تاريخي جديد في النصف الثاني من العام الحالي، بخاصة في الربع الثالث، فضلاً عن أن هناك موجة تقود أسعار الذهب إلى 2000 دولار للأوقية بالفعل، مع سيناريو صعودي يتراوح بين 2114 دولاراً و2296 دولاراً للأوقية في الفترة المقبلة.

وأرجع التقرير توقعات ارتفاع أسعار الذهب إلى الشكوك حول سرعة تعافي الاقتصاد العالمي مع استمرار زيادة قياسية لإصابات كورونا في الولايات المتحدة، مما جعل التعافي على شكل حرف V أقل احتمالاً في الوقت الحالي.

كما يتوقع المتخصصون في بنك “جولدمان ساكس” ارتفاع أسعار الذهب إلى 2000 دولار خلال الـ12 شهراً المقبلة، مشيرين إلى أن “الطلب يميل على الاستثمار بالذهب إلى النمو في المرحلة المبكرة من التعافي الاقتصادي، مدفوعاً بمخاوف استمرار التراجع وانخفاض معدلات الفائدة الحقيقية. واستمراراً للنظرة المستقبلية الأكثر تفاؤلاً”.

استهلاك الصين من الذهب

من جهته، قال اتحاد الذهب الصيني، إن استهلاك الصين للذهب تراجع 38 في المئة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2020، متأثراً بتفشي فيروس كورونا وتباطؤ الاقتصاد، بيد أن الطلب بدأ في التعافي خلال الربع الثاني.

وأضاف الاتحاد على موقعه الإلكتروني، الثلاثاء، أن الاستهلاك في الصين، أكبر مستخدم للذهب بالعالم، بلغ 323.29 طن في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران).

وانخفض الاستهلاك إلى النصف تقريباً في الربع الأول من العام، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، بعد أن أثرت إجراءات صارمة لاحتواء الجائحة وارتفاع الأسعار في الطلب.

رابط المقال

Copyright 2023 Kantakji.com - Developed by Kantakji-tech