ما هو الفحم الحيوي؟ وما فوائده الزراعية والاقتصادية والبيئية؟
يستخدم الفحم الحيوي لزيادة خصوبة التربة وتحسين خصائصها الفيزيائية والكيميائية وتوفير تكاليف مياه الري وإبطاء تغير المناخ.
بقلم وسام شاهين
الصورة الأصلية: كيه سالو85 عبر فليكر | تعديل: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية
توصلت دراسة حديثة أجرتها جامعة رايس إلى أن إضافة الفحم الحيوي إلى التربة الرملية بشكل مكثف يوفّر على المزارعين ما قد تصل نسبته إلى 50% من المياه التي يستخدمونها حالياً لري محاصيلهم، وهو ما يمثل ميزة اقتصادية للفحم الحيوي تضاف إلى فوائده البيئية المثبتة.
ما هو الفحم الحيوي؟ وما فوائده؟
الفحم الحيوي (Biochar) هو مادة صلبة غنية بالكربون يتم إنتاجها من خلال عملية التحلل الحراري. ويتم في هذه العملية استخدام درجة حرارة عالية (بين 350 و700 درجة سيليزيوس) في ظروف معدومة أو قليلة الأكسجين لتحليل الكتلة الحيوية، المكوَّنة من القش والخشب وقشور الثمار والعشب وغيرها من المخلفات الزراعية، وينتج عن هذه العملية الفحم الحيوي المؤلف من شظايا صغيرة وخفيفة الوزن، بالإضافة إلى بعض السوائل العضوية والغازات.
ويتم استخدام الفحم الحيوي لرفع خصوبة التربة، وتحسين خصائصها الفيزيائية، وزيادة الإنتاج الزراعي، وحماية النباتات من بعض الأمراض الناجمة عن التربة. وعلاوة على ذلك، يعد الفحم الحجري مادة غنية بالكربون ويمكنه الصمود في التربة لآلاف السنين؛ ما يجعله وسيلة فعّالة لاحتجاز الكربون، وبالتالي التخفيف من الاحتباس الحراري وتغير المناخ.
ويعود أول استخدام معروف للفحم الحيوي إلى سكان الأمازون الذين اكتشفوا خصوبة قطعة أرض، تسمى “الأرض الجميلة”، مقارنة بالأراضي المجاورة؛ حيث تراكمت فيها بقايا الاحتراق البطيء للمخلفات الزراعية من المجتمعات القروية على طول النهر.
الفحم الحيوي لتوفير مياه الري
بقيادة عالمة الكيمياء الجيولوجية الحيوية كارولين مازيلو وعالم الاقتصاد كيثنيث ميدلوك، استطاع فريق من الباحثين وضع نموذج يضم مجموعة من الصيغ الرياضية، لمساعدة المزارعين على تقدير وفورات المياه الناتجة عن زيادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء عند إضافة الفحم الحيوي إليها.
ويعرّف الباحثون القدرة على الاحتفاظ بالماء بأنها: كمية المياه المتبقية بعد ترك التربة المشبعة تجفّ لفترة محددة، عادةً 30 دقيقة. وعلى الرغم من أن التربة الطينية تتمتع بقدرة أكبر من التربة الرملية على الاحتفاظ بالمياه، لكن إذا ما تمت إضافة الفحم الحيوي إلى التربة الرملية فإنها تؤدي إلى فتح مساحة أكبر من المسام للاحتفاظ بالماء، ما يجعلها أكثر كفاءة.
تحلل الدراسة التي تم نشرها في مجلة جي سي بي بيوإنرجي العلاقة بين خصائص الفحم الحيوي، ومعدلات إضافته إلى التربة، والتغير في نسب الاحتفاظ بالماء بالنسبة لعدة أنواع من التربة. وقد أسقطَ الفريق هذا التحليل على مختلف مقاطعات الولايات المتحدة، لتحديد المناطق التي يمكن أن يؤدي فيها استخدام الفحم الحيوي إلى أكبر تحسينات في خصائص احتفاظ التربة بالماء، ثم صمموا نموذج اقتصادي للتنبؤ بكيفية تأثر نفقات الري بالتغيرات التي يحدثها الفحم الحيوي في قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء. وأوضح الفريق أن بحثهم قد تركز على التربة الرملية بسبب عدم توفر بيانات كافية عن باقي أنواع التربة.
توصلت الدراسة إلى أن زيادة معدل إضافة الفحم الحيوي إلى التربة التي تحتوي نسبة عالية من الرمل تؤدي إلى ارتفاع قدرتها على الاحتفاظ بالماء. كما وجدت أن استخدام الفحم الحيوي ذي الحبيبات كبيرة الحجم -والناتج عن مادة أولية عشبية- يحقق مستويات أعلى من احتفاظ التربة بالماء، مقارنة بذلك الناتج عن الأخشاب والقش وقشور الثمار.
كما أشارت النتائج إلى أن إضافة الفحم الحيوي ستكون فعالة بشكل خاص في الجنوب الشرقي، وأقصى الشمال، والشمال الشرقي، وغرب الولايات المتحدة. وبالاعتماد على النموذج الاقتصادي، توقع الباحثون انخفاضاً بنسبة تزيد عن 50% في استخدام مياه الري في بعض مناطق البلاد.
من شأن هذه الدراسة ونظيراتها أن تحمل فائدة كبرى لإجراء أبحاث مستقبلية حول الفحم الحيوي وفوائده، وتوافر معلومات قيمة للمزارعين حول خصائص الفحم الحيوي التي تؤثر على مستوى الاحتفاظ بالماء تبعاً لنوع التربة في حقولهم.