جائحة كورونا فيروس وحقوق تسجيل اللقاح والدواء العلاجي
مع انتشار كورونا فيروس ومداهمته العنيفة للعالم دون سابق انذار أو مجرد استعداد، أصبحت الدول والمنظمات الدولية والشركات بل والأفراد من العلماء وغيرهم يتبارون ويتسابقون في البحث عن اللقاح أو التطعيم أوالدواء العلاجي أو المسكن أو المقاوم لهذا الفيروس الخطير الذي يبطش صباح مساء في كل اتجاهات الكرة الأرضية ويرمي ضحاياه دون شفقة أو عطف. وقطعا، سيستمر الحال على هذا المنوال غير السار حتي أكتشاف المضاد القاتل لهذا الفيروس الشرس. ونأمل أن يأتي هذا الفرج سريعا ليفرجها ليهدأ كل العالم وتعود الحياة لطبيعتها الآمنة وتعود البشرية كما كانت (… وآمنهم من خوف …). وما زال التنافس مستمرا على أشده لنيل قصب السبق بين الشركات المتخصصة والجامعات والدول وغيرهم، وحتى الآن لا نعرف من أين يأتي الفرج لعلاج المصابين وحماية الملايين الآخرين من الاصابة. ونشيد بمنظمة الصحة العالمية التي دعت الجميع للتكاتف وللعمل معا كيد واحدة ضد جائحة كورونا فيروس ويد الجماعة خير من اليد الواحدة. وفي هذه الضائقة الحارة، فاننا نحتاج لكل الأفكار من شتي المكامن والأذهان.
والسؤال الهام الذي يطرح نفسه، من هو صاحب الحق في تسجيل الاسم أو العلامة التجارية الخاصة باللقاح الجديد أو الدواء العلاجي أو التطعيم من الفيروس؟ وأكيد، هذا السؤال يعشعش في روؤس جميع من يعملون الآن في هذا المجال الجديد الخصب، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ويا بخت من يكون صاحب الحق لأنه اضافة لنيله شرف انقاذ البشرية سيملأ جيوبه بالأموال مما أتي به من عمل فكري ثاقب يستحق عليه كل أموال الدنيا وما بها، وأكيد، ستأتيه الأموال من جيب كل فرد موجود الآن في الأرض أو سيأتي لها. ولك أن تتصور كم يبلغ هذا من مال؟ وقانونا، فان هذا الحق سيعود لمن قام بتسجيل حق الاختراع أو الانتاج الجديد، وتحديدا سيعود لأول من يقوم بتسجيل هذا الحق في العالم وفق القانون والمعاهدات الدولية المنظمة لهذه الحقوق. وبالطبع، فان تسجيل حق الاختراع يخول صاحبه بالاستفادة من حقوق التصنيع والانتاج وحقوق بيع المنتجات وما يرتبط بها.
وبما ان حق التسجيل يكون في العادة محليا وداخل حدود البلد، فيجب القيام بتقديم طلب بتسجيل حق الاختراع في البلد المعني حيث تتم الدراسة الفنية والقانونية والطبية للطلب. وهذا يتم، وفق أحكام القانون والممارسات المهنية المتبعة مع التحاليل الطبية والسريرية وفق الممارسات المهنية والاخلاقية السليمة. وقانونا، فان اكتشاف المصل أو الدواء العلاجي دون تسجيل الاكتشاف أوعدم تسجيل حق الاختراع يعطي الشركات المنتجة الحق في التصنيع دون الحصول على موافقته وكذلك دون منحه أي مقابل مادي أو رسوم، نظرا لعدم التسجيل الذي يمنع من الاستفادة من الاكتشاف باي طريقة دون الحصول على موافقة “صاحب الحق” المسجل وفق القانون في البلد المعني. ونقول أنه، يجور أن يتم التسجيل باسم مؤسسة واحدة أو عدة مؤسسات مشتركة معا. والآن مع العمل الجماعي المشترك فان جميع من شارك له الحق في المشاركة في التسجيل دون اقصاء. وفي مثل هذه الحالات، يتم الاتفاق في ما بين المجموعة في كيفية التسجيل في اسم كل طرف ونسبة التسجيل، وكل هذا يحتاج لفهم وتدوين قانوني سليم.
وبما أننا نتحدث عن الجوائح والكوارث، حمانا الله، من الضروري أن نذكر أن معظم القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية تجيز للحكومات، في بعض الحالات، التدخل الجبري ومنح حق تصنيع الأدوية للشركات المنتجة أو حق استيرادها من دول أخري للبيع داخل الدولة، وذلك دون الحصول على موافقة من قام بتسجيل حق الاختراع. وذلك بالطبع للضرورة الملحة للدواء وفي الحالات الطارئة ووفق شروط معينة، مع مراعاة منح صاحب الحق المسجل مبلغ معين أو رسوم رمزية تقديرا لجهوده وتشجيعا للانتاج الفكري وسط المبدعين والعلماء وغيرهم. ونذكر هنا، كمثال لتدخل الدولة، اصرار صاحب ومسجل الاختراع على مبلغ كبير جدا أو وضع شروط تعجيزية أو عدم التعاون من شركات التصنيع لأي سبب. وهنا، لا بد من تدخل الدولة للفائدة والمصلحة العامة.
وكما سمعنا الكثير من الرئيس الأمريكي ترمب، يهمنا هنا، قوله أنه استخدم أدوية معروفة ومجازة سابقا لعلاج بعض الأمراض كالملاريا “هيدروكسي كلوروكين” لمقاومة كورونا فيروس. وبغض النظر عن مدي صحة هذا الكلام، فهل يجوز تسجيل حق اختراع جديد حول نفس الأدوية المستخدمة منذ فترة كالدواء المذكور أعلاه؟ قانونا، نقول اذا تم تعديل بعض مكونات الدواء الموجود أو تحويره معمليا أو طبيا أو صيدلانيا ليصبح علاجا دوائيا مفيدا لمقاومة كورونا فيروس، فليس هناك ما يمنع من تسجيل الاختراع الجديد الذي تم خصيصا لمقاومة وقتل كورونا فيروس. هذا مع الأخذ في الاعتبار، أن معظم البحوث المتعلقة بالأدوية والعلاجات واللقاحات تقوم أساسا على ما هو موجود فعلا وتبني عليه للتطوير أو التطويع أو التعديل بالطريقة التي تسمح بمقابلة الأمراض والفيروسات الحديثة، وهكذا يتطور العلم وأفكار العلماء في المجالات الطبية والصيدلانية وما شابهه. وليس هناك ما يمنع من منح الأفكار الجديدة حق التسجيل حماية لها ولأصحابها ودعما للمفكرين. والتسجيل الجديد، يكون جديدا ويمنح صاحبه حق الاستفادة من الحق بكل الطرق القانونية لمدة ٢٠ سنة تبدا من تاريخ التسجيل الجديد.
من الناحية القانونية، نقول، ان حق التسجيل يمنح فقط لأول شخص “أو مؤسسة” تقدم بطلب لتسجيل منتجه أو اختراعه وبمجرد التسجيل، فان هذا الحق يصبح شبه محتكرا له وحده ويتصرف فيه بما يعود عليه مباشرة بالمنافع المادية والمعنوية معا وفق أحكام القانون. ولذا، هناك ضرورة قصوى للحرص على تسجيل الاختراع والمنتج المكتشف وفق القانون لأن هذا التسجيل هو صمام الأمان لك ولكل حقوقك المرتبطة بما أنتجه ذهنك من انتاج فكرك ليستفيد منه العالم وتكون أنت المستفيد الأول. وفي هذا حفظ للحقوق وتشجيعا للفكر والابداع في شتي المجالات العلمية أو الأدبية التي تستفيد منها البشرية للأزل. وهكذا القانون، يحمي الفكر الابداعي في شتي المجالات، وهذا يمثل قمة احترام الفرد مهما كان وحفظ كل ما ينتجه ويبدع فيه في مواجهة الآخرين خاصة من المتطفلين والمجرمين.