شركة المحاصة (جوينت فينشر)
قوانين الشركات التجارية تسمح بقيام عدة أنواع من الشركات حتى تتيح الفرصة لكل القطاعات ممارسة التجارة عبر أشكال مؤسسية قانونية متنوعة وأيضا بما يلبي مختلف الطلبات والأذواق والرغبات ووفق الإمكانيات المادية المتاحة. من ضمن أنواع الشركات التي ترخصها بعض قوانين الشركات نجد شركة المحاصة (جوينت فينشر) وهذا الاسم مأخوذ من كلمة “التحاص” أي القسمة أو الاقتسام بالنسبة بين الشركاء. وبالرغم من كثرة استخدام مصطلح (جوينت فينشر) إلا أننا نلاحظ أن استخدامه في بعض الحالات يتم خارج الإطار الصحيح لأنه قد يطلق، جوازا، علي كل عمل ذو صبغة تجارية حتى ولو لم يأخذ الشكل القانوني للشركة وفق التعريف القانوني لشركة المحاصة. ويالطبع، ذلك لأن هذا النوع من النشاط قد لا يعتبر شركة. ولذا قد يكون من المناسب، عند ورود هذا اللفظ، أن نتبين الإطار الذي تم أو يتم استخدام التعبير فيه.
وإذا عدنا لشركة المحاصة، وفق أحكام قوانين الشركات التي تجيز تأسيسها، نجد أن لها طعما ونكهة خاصة، مع ملاحظة أن تعريفها مختلف في بريطانيا عما هو في فرنسا وألمانيا مثلا. ولكن أهم ما يميز المحاصة عن الشركات الأخرى أنها تظل الشركة الوحيدة التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية القانونية كما وأنها لا تخضع لإجراءات الشهر المفروضة علي جميع أنواع الشركات لأن شركة المحاصة تستتر عن الغير (الطرف الثالث) … لذا لا يجوز لهذا النوع من الشركات ممارسة بعض النشاطات كإصدار أي أسهم أو سندات وبالتالي فهي بعيدة كل البعد عن متطلبات أسواق المال / البورصات ورقابة هيئات أسواق المال، ولهذا نقول هناك عدة مخاطر قد يتعرض لها المستثمر أو المتعامل مع هذا النوع من الشركات. وهناك الحاجة للمزيد من الحذر.
لهذا فقد يكون هناك من يرغب في ممارسة العمل التجاري المؤسسي لكنه، في نفس الوقت، لا يرغب في كشف هذا النشاط لأي سبب من الأسباب التي يراها والتي تخصه. وبموجب القانون فان مثل هذا الشخص يجد ضالته في شركة “المحاصة” لأنها لا تشهر ولا تسجل كبقية الشركات وتظل كشركة مستترة عن الغير علي عكس أنواع الشركات الأخرى التي يفرض عليها القانون الإشهار والإفصاح والشفافية خاصة تلك المتعلقة بنشر البيانات والحسابات للجمهور. ان كل الشركات تنشأ بموجب العقد الصحيح النافذ المبرم بين كل الشركاء / المساهمين، وبالنسبة لشركة المحاصة فان هذا العقد هو الأساس في تحديد مسار العلاقة بين الشركاء وهو الفيصل في تحديد حقوقهم والتزاماتهم ويبين كل التفاصيل والشروط شاملة كيفية اقتسام أرباح الشركة وخسائرها بعد مراجعة الحسابات وتدقيقها في آخر العام… وغير ذلك من الشروط الأخرى إضافة للعلاقة فيما بينهم وبين الشركة وكذلك فيما بين بعضهم البعض. وكما ذكرنا فانه لا يتم الكشف عن شركة المحاصة للغير لأنها مستترة، وفي الغالب، ليس هناك علاقة قانونية مع الشركة لأي طرف ثالث يتعامل معها وتكون علاقته (الطرف الثالث) مع الشريك (أو الشركاء) الذي تعاقد وتعامل معه لأن المحاصة ليس لها شخصية اعتبارية قانونية تمكنها من التعاقد والعمل مع الغير. وكاستثناء لهذه القاعدة العامة يجوز للطرف الثالث، في بعض الحالات، التمسك بالتعامل بعقد الشركة إذا توفر لديه ما يثبت أن الشركة تعاملت معه بصفتها كشركة قائمة بين أشخاص وهي تتعامل معه بهذه الصفة وليس عن طريق أي من الشركاء. ولمن يرغب في التمسك بالتعامل مع الشركة وليس أفرادها فإننا ننصح بتوضيح هذا في المستندات القانونية الخاصة بالتعامل وعند التعامل. وقد تكون الشركة مؤقتة لإنجاز عمل معين أو سلسلة من الأعمال يؤديها أحد الشركاء باسمه علي أن يقتسم الربح بينه وبين الشركاء وفق الاتفاق. ومن ايجابيات هذا النوع من الشركات أنه قد يتيح الفرصة لأشخاص مبتدأين للاتفاق فيما بينهم علي تأسيس المحاصة والعمل سويا وقد تكون البداية بمبلغ أو رأسمال زهيد يضعون أيديهم عليه ويبدأ عملهم التجاري الذي قد يزدهر وينمو ولكن بعيدا عن كل الأعين. ومن المعلوم أن هناك من لا يرغب أبدا في كشف نشاطاته التجارية أو الاستثمارية لأسباب شخصية أو اشتراطات وظيفية أو مهنية أو غيره.
وفي نفس الوقت، فإننا نلاحظ أن هذا النوع من الشركات يوفر الفرصة لشركات كبيرة أو مؤسسات عالمية أو بلدان للاتفاق مع بعض لتأسيس شركة المحاصة لعمل مشروع أو مشروعات عملاقة تدر عليهم الأرباح الطائلة وتوفر الأفكار المتعددة ونأخذ مثلا الاتفاق بين انجلترا وفرنسا لحفر القنال الانجليزي (بحر المانش) أو الاتفاق المشترك القائم بين أمريكا وكندا لاستكشاف حقول النفط في أقاصي القطب الشمالي واستخراج النفط لمصلحة الطرفين وفق الإطار المتفق عليه، أو الاتفاق القائم بين بعض شركات الطيران العالمية لتأسيس محاصة بينهما للاشتراك في نقل البضائع والأمتعة أو الركاب في بعض الخطوط ، وهناك الاتفاقيات العديدة بين شركات الاتصالات والانترنت العملاقة لتأسيس محاصة للاشتراك في إنتاج وتطوير بعض منتجات التقنية الحديثة وفق الإمكانيات المتوفرة لكل طرف من أجل تطوير التقنية لفائدة المستهلكين كالاتفاق بين سوني واريكسون، وكذا الأمثلة عديدة لأعمال ناجحة تتم عبر هذا النوع من الشركات.
وننصح من يرغب الانخراط في الأعمال التجارية والاستثمارية عبر شركات المحاصة الحرص التام والتأكد من أن العقد المبرم لتأسيس المحاصة يتضمن الحقوق والالتزامات بشكل جلي مع مراعاة وضع الشروط كافة والاتفاق الشامل علي كل تفاصيلها، حتى الدقيقة منها. ويجب الحرص كل الحرص علي حسن صياغة هذا العقد والعمل علي توثيقه وفق المتطلبات والضمانات القانونية السائدة حتى يتمتع بكل الضمانات والامتيازات القانونية التي تسنده كمستند قانوني سليم وصحيح ونافذ وحافظ لكل الحقوق وكل الواجبات. من واقع التحربة، لأ أنصح بنقل عقود المحاصة المتوفرة بصورة عامة وذلك لأن لكل عقد محاصة شروطه وواقعه الخاص به. ومن المهم، الاشارة لهذه الشروط وهذا الواقغ في عقد المحاصة الخاص بك. قمت بصياغة عدة عقود لتأسيس محاصة، وأذكر أن كل عقد قائم بذاته وفق خصوصيته المتمثلة في رغبة الأطراف المتعاقدة. وهذه تقطة هامة يجب مراعاتها من بداية العلاقة.