اقتراح علمي بتقليص مدة دقيقة واحدة إلى 59 ثانية
يقترح بعض العلماء إمكانية اللجوء إلى استخدام ثانية كبيسة سلبية؛ من أجل ضبط التزامن بين الوقت القائم على مدة دوران الأرض حول نفسها وبين أدق الساعات الذرية.
الوقت لا ينتظر أحداً، حسناً، قد ينتظر ثانية واحدة في العام.
يدعو بعض العلماء إلى التفكير جدياً في اختصار دقيقة من العام إلى 59 ثانية فقط. ويبررون فكرتهم بأن ذلك من شأنه أن يمنح التوقيت الذي نسير عليه توافقاً أفضل مع سرعة الدوران الحقيقي للأرض حول نفسها.
ثانية كبيسة لتصحيح الوقت
في المتوسط، تستغرق الأرض 24 ساعة، أو 86.400 ثانية، حتى تكمل دورتها حول نفسها. لكن هذه العملية تتأثر بالعديد من العوامل المتشابكة مثل شكل الأرض نفسها وكيفية تحرك المد والجزر وحركة قشرة الأرض وقوى جذب الأجرام السماوية القريبة. وقد أدت هذه العوامل في العقود الأخيرة إلى دوران أبطأ للأرض حول نفسها، وبالتالي إلى أيام أطول. ومن أجل ضبط الوقت وتصحيحه ليتناسب مع هذا التباطؤ، تم إضافة ثوانٍ كبيسة 27 مرة منذ ابتكار الساعات الذرية في ستينيات القرن الماضي. وكان عام 2016 هو آخر سنة تضاف إليها ثانية كبيسة.
لكن منذ ذلك العام، لاحظ العلماء أن الأرض كانت تدور حول نفسها بسرعة أكبر من أي وقت مضى، وبالتالي تم تسجيل أيام أقصر من المعدل؛ ففي عام 2020، تم تسجيل أقصر 28 يوماً منذ عام 1960، وكان أقصر يوم هو 19 يوليو عندما أكملت الأرض دورتها حول نفسها خلال أقل من 86,400 ثانية بمقدار 1.4602 ملي ثانية. وكان آخر يوم أقصر من 24 ساعة هو يوم السبت 30 يناير الماضي الذي كان أقصر بمقدار 0.18 ملي ثانية. ويتوقع العلماء أن يضم هذا العام أياماً أقصر من المعدل أيضاً.
لذلك، يقترح بعض العلماء إمكانية اللجوء إلى استخدام “ثانية كبيسة سلبية”؛ أي إزالة ثانية من إحدى دقائق السنة من أجل ضبط التزامن بين الوقت القائم على مدة دوران الأرض حول نفسها وبين أدق الساعات الذرية.
يقول بيتر ويبرلي، أحد كبار الباحثين في المختبر الفيزيائي الوطني لصحيفة تيليجراف: “من الممكن جداً أن نحتاج إلى استخدام ثانية كبيسة سلبية إذا ما تزايدت سرعة دوران الأرض حول نفسها، لكن ما زال من المبكر تحديد إمكانية اللجوء إلى هذا الخيار”.
ثانية كبيسة أو لا، ما أهمية الأمر؟
رغم أن إضافة أو اختصار ثانية كل بضعة أعوام لا يُحدث أي فرق ملموس بالنسبة للشخص العادي، لكن بالنسبة للعلماء -والأدوات العلمية المضبوطة بدقة وأنظمة الاتصالات الفضائية وأنظمة الملاحة- فإن لهذا الأمر أهمية كبيرة. وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة في تنظيم وأداء بعض الوظائف في حال لم يتم مراعاة هذه التعديلات الزمنية.
وعلى سبيل المثال، أوردت صحيفة نيويورك بوست في عام 2012 أن ثانية كبيسة إضافية تسببت في تعطل العديد من مخدمات بعض مواقع الويب مثل ريديت ولينكد إن، كما أحدثت خللاً في أنظمة تشغيل لينوكس والبرمجيات التي تستخدم جافا سكريبت.
وللتوضيح، تعتمد الحواسيب في ضبط الوقت على مخدمات ضبط الوقت العالمية. وتقوم هذه المخدمات بإرسال تصحيحات ضئيلة (من رتبة ميكروثانية) بدلاً من إضافة أو حذف ثانية كاملة. وإذا ما أخذنا في اعتبارنا أن المعالج يتعامل مع البيانات بمعدل ملايين أو مليارات البايتات في الثانية، فإن دفعه إلى حذف أو إضافة ثانية واحدة قد يسبب فقداناً للبيانات أو خطأً في معالجتها.
لا شك أن مسألة الثواني الكبيسة مثيرة للجدل، لأن بعض العلماء يعتقدون ببساطة أن الضبط اليومي لفوارق من رتبة ميكروثانية هو الطريقة الأفضل. ولكن، كما هي الحال مع جميع المعايير العلمية، هناك هيئة حاكمة يمكنها المساعدة في تحديد ما يجب فعله في هذا الشأن. وسيتم اتخاذ القرار في مؤتمر الاتصالات الراديوية العالمي المقرر عقده في عام 2023 لحسم الجدل حول الموضوع وإقرار الأسلوب الأفضل لضبط الوقت بشكل صحيح بما يتناسب مع تغيرات سرعة دوران الأرض حول نفسها.