متطلبات عقد العمل
في كل الأعمال التجارية والخدمية والتخصصية، بكافة أنواعها، يكون هناك رب العمل من جهة والعامل الذي ينفد العمل من الجهة الأخرى. وعلاقة العمل بين صاحب العمل والعامل، تحكمها قوانين العمل التي تضع الأطر القانونية العامة لخط سير هذه العلاقة لتنميتها وحفظها لمصلحة العمل وأطرافه وكل أصحاب المصلحة “ستيك هولدرز”. واضافة لهذا، يتم ابرام عقد العمل المعد لذلك، حيث يتم الاتفاق بشأن العديد من الأمور الخاصة بالعامل ووظيفته وما له وما عليه من حقوق وامتيازات. يعتبر عقد العمل، الوثيقة القانونية الأساسية التي تربط بين الأطراف.
وبصفة عامة، يجب أن يكون عقد العمل ثابتاً بالكتابة ومحرراً باللغة العربية من نسختين لكل طرف نسخة، وإذا كان العقد محرراً بغير اللغة العربية ترفق به نسخة محررة باللغة العربية. ويتم وضع كل الشروط والمتطلبات الوظيفية، وفي هذا الخصوص، إذا تضمن عقد العمل الاشارة إلى لوائح أو ضوابط داخلية فلا بد من إرفاقها بعقد العمل، ويوقعها طرفا العقد ويعتد بها في الإثبات.
في حالات نادرة الآن، قد يوجد عقد عمل “شفهي” وغير مكتوب لأي سبب. وفي مثل هذه الحالات، يجوز للعامل وحده إثبات كافة حقوقه بجميع طرق الإثبات. وللخروج من هذا المأزق، من المستحسن اعداد وتوقيع عقد عمل مكتوب للدلالة القاطعة على اتفاق أطراف العقد. وعقد العمل المكتوب، يجب أن يتضمن العديد من البيانات الجوهرية لطرفي العقد، وبوجه خاص، ذكر اسم صاحب العمل وعنوان محل العمل ورقم القيد في السجل التجاري، اسم العامل وتاريخ ميلاده ومؤهله ووظيفته أو مهنته ومحل إقامته وجنسيته وما يلزم لإثبات شخصيته، طبيعة ونوع العمل ومدة العقد إذا كان محدد المدة، الأجر المتفق عليه وطريقة وموعد أدائه، وكذلك سائر المزايا النقدية والعينية المتفق عليها، وغير هذا من البيانات الأخرى التي يتفق عليها الأطراف أو يتم تحديدها بقرارات من الجهات المختصة.
وفق أحكام قوانين العمل، يجوز تعيين العامل تحت شرط التجربة “بروبيشن بيرود” إذا نص على ذلك صراحة في عقد العمل، على ألا تزيد فترة التجربة على ثلاثة أشهر. ولا يعتد بشرط التجربة إلا إذا نص عليه صراحة في عقد العمل. ومدة الثلاثة أشهر لفترة التجربة، تقريبا، شبه متفق عليها عالميا ويبدو أنها كافية للطرفين للسير معا والانخراط في العمل المطلوب. وللعلم، فانه يجوز زيادة فترة التجربة في بعض المهن وبما لا يجاوز ستة أشهر، وذلك وفق القرارات الصادرة من الجهات الرسمية المختصة. وكقاعدة هامة، لا يجوز تعيين العامل تحت شرط التجربة أكثر من مرة واحدة عند صاحب عمل واحد.
ونظرا لبدء علاقة العمل بين الأطراف، وعدم التعامل السابق بينهما، فقد لا يتفقا أو لا يتم الانسجام بينهما لأي سبب، ولذا فانه يجوز لأي من طرفي عقد العمل إنهاء العقد في خلال “فترة التجربة” إذا تبين له عدم ملاءمة الاستمرار في التعاقد بشرط إخطار الطرف الآخر قبل الإنهاء بيوم واحد على الأقل. وفي هذه الحالة من الضرورة أن نذكر، أن العامل يستحق فقط الراتب “المعاش” المستحق عن الأيام التي أدي فيها العمل، وليس هناك أي حقوق أو امتيازات أخري.
العقد شريعة المتعاقدين ويجب على الأطراف الالتزام ببنوده. وبصفة خاصة، يحظر على صاحب العمل أن يخرج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل الفردي أو عقد العمل الجماعي، أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك. مثلا، منعاً لوقوع حادث، أو إصلاح ما نشأ عنه، أو في حالة القوة القاهرة، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة. ولصاحب العمل، أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه، إذا كان لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي ويشترط عدم المساس بحقوق العامل المتفق عليها وفق العقد.
كما يجوز لصاحب العمل وكلما تطلب الأمر، تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف عن العمل المتفق عليه وذلك تمشياً مع التطورات العملية أو التكنولوجية في المنشأة. ومثل هذه الحالات، يجب أن تجد كل التشجيع والثناء لانها تعمل على تطوير بيئة العمل بما يعود بالفائدة المشتركة لمصلحة العمل والأطراف. والتدريب والتأهيل من الأمور الضرورية لتنمية العمل وفق المستجدات، وما يحدث الآن في بيئة العمل بسبب جائحة كورونافيروس يؤكد ضرورة التدريب وتطوير وسائل العمل لتتماشي مع البدائل والمستجدات الجديدة والظروف الاضطرارية التي طرأت في كل الأعمال.
من دون شك، واضافة لما ذكر أعلاه، فان تفهم طبيعة العمل وقيام الأطراف بأدوارهم التعاقدية والمهنية والاخلاص في ذلك، سينتج عنه علاقة عمل سامية تعطي العمل حقه ويشعر كل طرف بأهمية دوره لسريان العمل بسلاسة لتحقيق المطلوب، بل أكثر منه. وعلينا أن نفهم أن هذه العلاقة خاصة بنا وعلينا دائما العمل لتحقيق أهدافها من أجل قناعتنا الذاتية وراحتنا النفسية، وأكيد هذا سينعكس ايجابا على العمل وأصحاب المصلحة وكل المجتمع.