يالرياضيات: لماذا علينا الابتعاد عن بعضنا وعن التجمعات للوقاية من كوفيد-19؟
يتطلع العالَم اليوم إلى إبطاء تفشي كوفيد 19 (المرض الناتج عن فيروس كورونا)، من خلال الاختبار والعناية بالنظافة والتباعد الاجتماعي بإلغاء الفعاليات والاجتماعات وإغلاق المدارس وتقليل الخروج لأسباب شخصية أو حتى للعمل، وغير هذا من التكتيكات الفعالة في احتواء المرض.
يقول علماء الأوبئة إن تلك التدابير تمتع بفعالية أكبر في المرحلة المبكرة من التفشي التي يَسنح فيها إنقاذ أغلب الأرواح، قبل أن يزداد الوضع خطورة ويخرج عن السيطرة؛ وهذا ما تبين في حالتي الصين وإيطاليا اللتين ازدادت فيهما الإصابات والوفيات ازديادًا هائلًا فجأة كأنها بين ليلة وضحاها.
ولفهم ذلك نعود إلى بعض الرياضيات، فالمرض ينتشر انتشارًا أُسِّيًّا؛ أي أن كل مصاب يُتوقع أن يُعدي عددًا متوسطه الحالي 2.5 فرد، وكل فرد جديد يُصاب يعدي بدوره 2.5 فرد آخرين، وهلم جرًّا، حتى ينتقل المرض إلى عشرات الملايين في فترة وجيزة، ما لم تُتخذ تدابير صارمة لتقليل الاحتكاكات الاجتماعية وعزل المصابين.
يشبه الأمر ما يحدث في سلسلة إضافة الضعف 1-2-4-8-16، إذ تبدأ بأرقام صغيرة، لكنك تجد نفسك تجاوزت رقم 16 مليون في المرة الرابعة والعشرين؛ ولهذا يبدو لنا المرض وكأنه تفشى بين ليلة وضحاها، ولهذا أيضًا يَلزم تقليل معدل انتقاله من البداية، اجتنابًا لسيناريو المريضة 31 التي أعْدت وحدها 1,160 إنسانًا في كوريا الجنوبية.
صحيح أن المرض لن ينتشر إلى الأبد، فتعافي الناس منه وازدياد مناعاتهم سيجعلان لانتشاره سقفًا أو ذروة يأخذ عندها في التراجع؛ لكن لا بد من العمل على خفض ذلك السقف وتحجيم الانتشار ما أمكن، لإتاحة بعض الوقت للمؤسسات الصحية كي تتجهز وتجتنب الانضغاط إلى حد الانهيار، وهذا بدوره سيحفظ حيوات كثيرة.
ربما بدا في الإسراع إلى تلك التدابير مبالغة، لكن لا أنسب فعلًا من هذا الوقت والتفشي في مرحلته الأولية؛ وهذا ما أكده المصمِّم توماس بويو بنموذج أعده فأوضح الفرق الهائل في أعداد المصابين الذي قد يُحدثه مجرد يوم واحد من التباعد الاجتماعي.
وفي نموذج آخر أعدته صحيفة نيويورك تايمز وصل عدد الإصابات في الولايات المتحدة إلى 9.4 ملايين في حالة تجاهل الناس للتدابير الصارمة، إما عندما يلتزمون بها ينخفض العدد انخفاضًا هائلًا إلى ثلاثة ملايين فقط؛ فللإسراع قيمته فعلًا.