ضوابط تفسير العقد
العقد شريعة المتعاقدين، هذا من أهم قواعد التعاقد من البداية وأثناء التنفيذ بواسطة الأطراف المتعاقدة. والتعبير عن النية لإكمال العقد يكون عبر عدة وسائل كالكتابة أو الشفاهة وقد مباشرا أو عبر الوسائل الإلكترونية الحديثة وفق الضوابط المحددة. لكن القانون، يشترط أن يكون العقد مكتوبا في بعض الحالات ويجب التقيد بهذا الأمر في كل الحالات. ومن العقود التي تتم كتابتها، قد تكون هناك تفاصيل كثيرة ويتكون العقد من مئات الصفحات والملاحق والمرفقات. في مثل هذه الحالات، يجب أن تتم صياغة العقد بصورة سليمة وواضحة ومبرأة من العيوب والكتابة غير الواضحة والتكرار والحشو غير المفيد. وبالطبع، هناك من لديهم الكفاءة والخبرة للقيام بالصياغة وإعدادها في أفضل شكل وانسجام تام مع القانون ورغبة الأطراف المتعاقدة. وأيضا، هناك من لا يتمتع بهذه الصفات ويكون العقد “وثيقة” خطرة على أطراف التعاقد ويؤدي لمخاطر قانونية، لا محال. ومن هذا تأتي نتائج مخالفة لنية الأطراف وتحصل الأضرار بسبب الصياغة غير السليمة وغير الواضحة.
ومن واقع التجربة، مع الكثير من العقود سيئة الصياغة وتالفة الصناعة، نلاحظ ظهور خلافات كثيرة وحادة تتعلق بتفسير مادة أو عدة مواد أو بنود العقد المبرم. وهذا يعتبر من المخاطر القانونية الخطيرة الأبعاد. ولكن وفي جميع الحالات نقول أنه، ووفقا أحكام القانون المدني، هناك مبادئ قانونية ثابتة وهامة لتفسير العقود ومن هذه المبادئ، “إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عتها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين” و”أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقا للعرف الجاري في المعاملات”، وأيضا “يفسر الشك في العقد لمصلحة المتعاقد الذي يكون من شأن إعمال الشرط أن يضره، وعلى وجه الخصوص يفسر الشك لمصلحة المدين إذا كان من شأن إعمال الشرط أن يحمله الالتزام، أو يجعل عبأه عليه أكثر ثقلا”.
يجب الالتزام بهذه القواعد الجوهرية الهادية والهامة التي يتضمنها القانون المدني، عند الاختلاف وضرورة الحاجة لتفسير العقد الذي يحكم العلاقة بين الأطراف، وهو شريعة المتعاقدين. ولكن نلاحظ وفي الكثير من الحالات أن أحد أطراف العقد، والذي يعتبر نفسه في وضع أقوي من الآخر، يسعى الي تفسير العقد بما يتماشى من تحقيق رغباته الذاتية حتى ولو على حساب الطرف الشريك في العقد. ان القانون يضع طرفي العقد في مرتبة واحدة متساوية الحقوق والواجبات. ولذا يجب تنفيذ العقد وفق ما ورد فيه من نصوص وأحكام، وعند الاختلاف حول هذه النصوص، يجب الحرص، ومن جميع الطراف، على تفسيرها وفق القواعد القانونية المشار لها أعلاه وذلك حتي تظل أحكام القانون سارية ويظل العقد شريعة المتعاقدين وتعبيرا لإرادتهما المشتركة.
ان احترام إرادة أطراف العقد هو الوضع الأصوب والأمثل لأنه يحقق مبدأ سلطان الإرادة وهذا بدوره يعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية ويوفر الاطمئنان في المعاملات بين الأطراف.