إجمالي الدين العالمي في صعود نحو 188 ترليون دولار
تحذيرات من تراكم الإقتراض على اقتصادات العالم مع توسع التخلف عن السداد
وصل الدين العالمي العام والخاص، بحسب صندوق النقد الدولي، إلى رقم قياسي جديد 188 تريليون دولار، أي نحو 230% من الناتج العالمي. وحذّر الصندوق من تراكم الديون وزيادة خدمة الديون، مما قد يعرض اقتصادات العالم للمخاطر أو التشديد المفاجئ للائتمان وحتى التخلف عن السداد. وفي الوقت ذاته قال الصندوق إن بإمكان الديون توسيع الاستثمار الإنتاجي، بما في ذلك توفير الأموال اللازمة لإصلاح وتوسيع البنية التحتية اللازمة للنمو الاقتصادي المستمر.
كريستالينا جورجيفا، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، قالت إن الدين العالمي العام والخاص وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، واصفة القطاع الخاص بأنه المحرك الرئيس لهذا التراكم، والذي يشكّل حالياً ثلثي إجمالي الدين.
وأشارت إلى أن الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بلغ مستويات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، في حين بلغ الدين العام في الأسواق الناشئة مستويات شوهدت آخر مرة خلال اندلاع أزمة الديون في الثمانينيات، فيما شهدت البلدان منخفضة الدخل زيادات حادة في أعباء ديونها على مدى السنوات الخمس الماضية، على حد قولها.
وأظهرت الأبحاث الحديثة التي أجراها صندوق النقد الدولي، أن الدعم العام المباشر للمؤسسات المالية وحدها بلغ 1.6 تريليون دولار خلال أزمة عام 2008.
وفي البلدان النامية، يعكس التراكم مجموعة عوامل واسعة، من الانخفاضات الحادة في أسعار السلع الأساسية إلى الكوارث الطبيعية والصراعات الأهلية، إلى الإنفاق الاستثماري المرتفع للمشروعات التي لم تكن منتجة. فيما جعلت أعباء الديون المرتفعة العديد من الحكومات والشركات والأسر عرضة للتضييق المفاجئ للظروف المالية.
الظروف المالية العالمية ظلت سهلة، ويُعزى ذلك جزئياً إلى انخفاض أسعار الفائدة لفترة أطول من المتوقعة في الاقتصادات المتقدمة. ويواجه العالم اليوم حالة من عدم اليقين الآخذ في الزيادة، مدفوعة بالتوترات التجارية وبريكست والمخاطر الجيوسياسية، وإذا ما تحولت معنويات المستثمرين، فقد يواجه المقترضون الأكثر ضعفاً تشديداً مالياً وتكاليف فائدة أعلى، ومن ثم سيصبح الأمر أكثر صعوبة في سداد الديون أو ترحيلها. وهذا بدوره يمكن أن يضخِّم تصحيحات السوق ويكثِّف تدفقات رأس المال الخارجة من الأسواق الناشئة.
الاقتراض الخارجي للصين
وتعتبر الحكومة الصينية أكبر مُقرِض رسمي في العالم، متجاوزة بذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجميع أعضاء نادي باريس، بحسب فيتور غاسبار مدير إدارة الشؤون المالية لصندوق النقد الدولي، والذي قال إن البنوك الصينية الحكومية قدمت ربع القروض المصرفية للأسواق الناشئة، وأن العديد من البلدان النامية مثقلة هي الأخرى بالديون للصين.
وأشار إلى أن إجمالي الائتمانات التجارية للصين سجلت ما قيمته 750 مليار دولار في 2018، وأن العديد من البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل مثقلة بالديون للصين، والتي أصبحت اليوم أكبر مُقرِض رسمي في العالم، مع الأخذ في الحسبان أن مصادر البيانات المُتاحة لا تجسد الإقراض الصيني بالكامل، في ظل حرص الصين على التقليل بشكل كبير من الإقراض الرسمي لها، على حد قوله.
وتزيد أهمية الصين بشكل مطرد كمقرض رسمي غير تقليدي في وقت غيّرت بكين المشهد المرتبط بتمويل التنمية في العالم. وهناك ما قيمته 400 مليار دولار تأتي على هيئة قروض صينية إلى 106 اقتصادات نامية، في حين أن 50% من التزامات القروض “خفية” أو ضائعة، وتُمثل تلك القروض نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي لأعلى 50 دولة مستلمة لهذه القروض، و50٪ من القروض الصينية (200 مليار دولار) في عداد المفقودين، ويبدو أن التركيز ينصب على القروض الصغيرة والدول الهشة.
استدامة الديون وشروط الدعم الرسمي
وفرة القروض الرسمية من شأنها رفع مستويات الديون، ومن جهة يساعد الإقراض الرسمي الحكومات في الحفاظ على الاستهلاك على نحو سلس في مواجهة الصدمات الأساسية وتسهيل سياسات تخفيض الديون. ومن جانب آخر يشكل ارتفاع الديون في جميع أنحاء العالم مصدر قلق كبير للمستثمرين، فيما ينظر إليه الاقتصاديون باعتباره نقطة الانهيار التالية، فيما أسعار الفائدة المنخفضة القياسية تجعل من السهل للغاية على الشركات والمؤسسات السيادية اقتراض المزيد من الأموال.
وكان صندوق النقد الدولي حذَّر من ارتفاع ديون الشركات المحفوفة بالمخاطر، والتي تفاقمت بسبب استمرار انخفاض أسعار الفائدة من البنوك المركزية. وبحسب الصندوق هناك ما يقرب من 40٪، أو نحو 19 تريليون دولار من ديون الشركات في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا معرضة لخطر التخلف عن السداد في حالة حدوث انكماش اقتصادي عالمي آخر.