العقد القابل للإبطال
العقد الصحيح المبرم بين الأطراف يكون نافذا بقوة القانون، ولذا تنتج آثاره القانونية لأنه تم بين أطراف لهم الأهلية القانونية من بلوغ سن الرشد وسلامة العقل اضافة للرغبة الصادقة في إقامة تعاقد قانوني، والعقد شريعة المتعاقدين. ولكن قد يشوب التعاقد بعض الأمور القانونية التي تجعل العقد قابلا للإبطال ، أو باطلا بطلانا مطلقا.
ومن الناحية القانونية، فان العقد القابل للإبطال ينتج آثاره القانونية ما لم يقض بإبطاله، وإذا قضي بإبطاله اعتبر كأن لم يكن أصلا. ومن ضمن الحالات التي تجعل العقد قابلا للإبطال، أن يكون هناك تدليس أو غلط أو اكراه أو غيره. فوجود أي من هذه الحالات يجعل العقد قابلا للإبطال نظرا لأنه لم يتم برغبة ونية قانونية صحيحة. لأن التدليس، مثلا، يتم فيه عرض البضاعة بصورة غير سليمة وغير صحيحة تماما بالرغم من أن من قدمها يعلم أنها غير سليمة. وإضافة الي أنه يعلم أن توضيح هذه الحقيقة قد لا تجعل الطرف الأخر يقبل التعاقد. ومن هنا، يظهر سوء النية وعدم منح الطرف الآخر المعلومات الحقيقية بل خداعه وغشه، والتعاقد بموجب تدليس يؤثر على سلامة العقد. وهذا أيضا، ينطبق على الحالات الأخرى المتمثلة في الإكراه والغلط في الوقائع وغيره من الحالات التي تجعل القبول غير مكتمل الأركان وتشوبه شوائب عديدة.
وإذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإبطال العقد إلا بناء على طلب صاحب الحق. وإذا قام سبب الإبطال ، وتمسك به من تقرر لمصلحته ، تعين على المحكمة القضاء بإبطال العقد ، وذلك ما لم ينص القانون على خلافه. ويزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ممن له حق طلب إبطاله ، وتطهر الإجازة التي تتم العقد من العيب الذي انصبت عليه ، دون إخلال بحقوق الغير.
ويسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات من وقت زوال سببه ما لم يقض القانون بخلافه . ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية ، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب ، وفي حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذي ينكشف فيه ، وفي حالة الإكراه من يوم زواله ، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت إبرام العقد.
ووفق القانون، يجوز لكل ذي مصلحة أن يعذر من له حق إبطال العقد بوجوب إبداء رغبته في إجازته أو إبطاله ، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ، تبدأ من تاريخ استلام الإعذار من غير أن يترتب على ذلك أي أثر بالنسبة للمدة المقررة لسقوط الحق في الإبطال. ولا يعتد بإعذار من له حق طلب الإبطال بسبب الغلط أو التدليس أو الإكراه ، إلا إذا كان قد وجه بعد انكشاف الغلط أو التدليس أو زوال الإكراه. كما أنه لا يعتد بإعذار ناقص الأهلية ، إلا إذا كان قد وجه إليه بعد اكتمال أهليته. فإذا انقضى الميعاد المحدد بالإعذار من غير اختيار ، اعتبر ذلك إجازة للعقد.
وهنا لا بد من التنويه، أن من يأتي للتعاقد عليه أن يكون صادق سليم النية وأن يكون أمينا مع الطرف الآخر وعدم إكراهه أو غشه أو غير هذا من الأفعال المخالفة للقانون. وعليه أن يعلم، في حال قيامه بهذه الأفعال، أن القانون يعطي الطرف الآخر الحق في المطالبة بإبطال العقد. نظرا لأن العقد يكون قابلا للإبطال وفق رغبته بعد علمه بما حدث له أثناء التعاقد.
وهكذا يوفر القانون، لمن يتم تدليسه أو إكراهه أو عند حدوث الغلط ، الحق التام للمتضرر في المطالبة بإبطال العقد، وما ينجم نتيجة لذلك من الأضرار والتعويضات اللازمة المرتبطة بالأضرار. ولكن، في نفس الوقت، يجب التقيد بالأحكام القانونية المتعلقة بحق ابطال العقد.