بنك التسويات الدولية يعلن عن تعيينات جديدة وإطلاق مركز سنغافورة كمحور
بنك التسويات الدولية يعلن عن تعيينات جديدة وإطلاق مركز سنغافورة كمحور
ستيفن غينيس
بعد مقال نشرته الشهر الماضي حول مشروع الابتكار الجديد BIS 2025 التابع لبنك التسوية الدولية، أصدرت المؤسسة منذ ذلك الحين سلسلة من الإعلانات المتعلقة بالمبادرة، إلى جانب تفاصيل التغييرات الرئيسية للموظفين داخل الرتب.
بدايةً من الموظفين، يتنحى محافظ بنك إنجلترا مارك كارني عن دوره في رئاسة اجتماع الاقتصاد العالمي واللجنة الاستشارية الاقتصادية. تجتمع المجموعتان في مقر بنك التسويات الدولية في Basel كل شهرين فيما يعرف باسم اجتماعات البنك التي تعقد كل شهرين. على الرغم من أن بنك التسويات الدولية لا يكشف رسميًا عن توقيت هذه الاجتماعات، فمن خلال الحكم على تحركات محافظي البنوك المركزية، يبدو أنهم يعقدون كل يناير ومارس ومايو ويوليو وسبتمبر ونوفمبر.
تنتهي فترة ولاية كارني كرئيس لهذه المجموعات في 31 يناير – وهو نفس اليوم الذي من المقرر أن يتنحى فيه عن بنك إنجلترا. أود أن أغتنم هذه الأخبار كتأكيد على أن كارني لن يمدد إقامته في بنك إنجلترا في يناير الماضي. لإضافة وزن إلى هذا الاحتمال، نُقل عن رئيس مجلس المحافظين في بنك التسويات الدولية، ينس ويدمان، في البيان الصحفي أنه يشكر كارني على مساهماته في مختلف القدرات في بنك التسويات الدولية والمجتمع المصرفي الدولي والتنظيمي المركزي منذ عام 2008.
مما أفهمه عن BIS، فإنهم عادة ما يتخذون القرارات على المدى الطويل. لذا فإن تعيين جيروم باول كخليفة لكارني سيشير إلي أن وظيفته في مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليست مهددة. كانت القصة المستمرة منذ الربيع هي كيف يمكن أن يختار دونالد ترامب إقالة باول كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في أي لحظة. ولكن عندما سألته شركة فوكس نيوز في سبتمبر عن موقف باول، أجاب ترامب، ” إنه آمن، نعم، إنه آمن. يعني، بالتأكيد، لماذا لا؟ “.
على الرغم من تهديده بإطلاق النار على باول عدة مرات، إلا أنه في الواقع لا يتمتع ترامب بسلطة القيام بذلك – وهو أمر لاحظه باول بنفسه في مارس. تظهر نظرة خاطفة على تاريخ بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه بدلًا من كونه مؤسسة فدرالية، فقد تم تصميمها من قبل المصالح المصرفية الخاصة التي تمكنت من الضغط بنجاح على المجلس التشريعي الأمريكي لمنحهم استقلالية بشأن عرض النقود عن طريق قانون الاحتياطي الفيدرالي. كشف المؤلفان إدوارد جريفين وأنتوني سوتون عن هذه الحقيقة منذ عدة عقود.
مع تولي باول المزيد من الصلاحيات في بنك التسويات الدولية، فإن حاكمته الفيدرالية مضمونة في الوقت الحالي.
في مكان آخر، بعد أن ترك منصب رئيس البنك المركزي الأوروبي، استقال ماريو دراجي أيضًا كعضو في مجلس محافظي بنك التسويات الدولية. حلت محله رئيس البنك المركزي الأوروبي الجديد كريستين لاغارد. إن دور Lagarde في البنك المركزي الأوروبي يمنحها الآن الحق في حضور اجتماعات BIS. كما كتبت على نطاق واسع، كانت لاغارد من كبار المؤيدين للعملات المالية والعالمية في حين كان العضو المنتدب في صندوق النقد الدولي. تجد طريقها إلى BIS مثلما تعمل المنظمة بنشاط على التطوير والاستعداد للقيام بدور قيادي في تحديد ما يشكل المال ” في العصر الرقمي “.
فيما يتعلق بالابتكار BIS 2025، أعلن بنك التسويات الدولية أنه تم اختيار Benoit Coeure، العضو الحالي في المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي ورئيس لجنة المدفوعات والبنية التحتية للسوق في بنك التسويات الدولية، كرئيس لبنك Innovation Hub.
للحصول على نظرة ثاقبة حول تفكير Coeure بشأن العملات الرقمية ومستقبل المال، أوصي بخطاب ألقاه في سبتمبر في لوكسمبورغ – ” التحديات الرقمية للنظام النقدي والمالي الدولي “. وهنا يستكشف ما تحدث عنه مارك كارني في جاكسون هول في أغسطس فيما يتعلق بـ ” عملة الهيمنة الاصطناعية ” لتحل محل الدولار كاحتياطي عالمي:
التعاون هو بالضبط ما يدعو إليه الحاكم كارني: توثيق التنسيق بين البنك المركزي لجني فوائد التطورات التكنولوجية الحديثة بسرعة أكبر وبكفاءة أكبر. وبهذه الروح، توحد البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان بالفعل لبحث إمكانية استخدام تكنولوجيا دفتر الأستاذ الموزعة في البنية التحتية للأسواق المالية.
تتمثل الخطوة الطبيعية التالية في توحيد البنوك المركزية العالمية والتحقيق المشترك في جدوى CBDCs بناءً على معايير تقنية مشتركة.
من وجهة نظر Coeure، شريطة أن توفر ” Stablecoins ” استقرارًا في الأسعار، أي أنها مرتبطة من خلال سلة من العملات الورقية تحت رعاية الهيئات المالية العالمية، ثم ستكون ” الخطوة الطبيعية التالية في تطور الأصول الرقمية “.
جاء تعيين Coeure عندما أطلق BIS مركز Innovation Hub في سنغافورة، فيما وصفوه بأنه ” أول توسع لبصمته العالمية منذ 17 عامًا “. تدريجيا، قام بنك التسويات الدولية بتوسيع نفوذهم إلى ما وراء الغرب والشرق، وهي عملية أصبحت الآن واضحة بوضوح من خلال مركزهم في سنغافورة وآخر في هونغ كونغ.
سيكون لسنغافورة المحور هدفين. الأول هو ” إنشاء إطار للبنية التحتية الرقمية العامة على الهوية والموافقة ومشاركة البيانات “، والثاني هو ” إنشاء منصة رقمية تربط المنظمين والمشرفين بمزودي الحلول الرقمية والتقنية “. سيشمل المشروع الأخير بشكل مباشر مدخلات المبدعين من fintech، لكن ما سيفعله أيضًا، كما أوضح العضو المنتدب لهيئة النقد في سنغافورة Ravi Menon، هو ” ربط المجتمع المصرفي المركزي العالمي بالنظام الإيكولوجي fintech الحيوي في سنغافورة والمنطقة “.
لذلك، ليس من المستغرب أن يتزامن إطلاق هذا المحور مع مهرجان Fintech في سنغافورة لعام 2019، وهو أكبر حدث في العالم Fintech يضم عشرات الآلاف من المشاركين. وكما علق مدير عام بنك التسويات الدولية على تأسيس مركز سنغافورة، فإن بنك التسويات الدولي ” يلعب دورًا رائدًا في تنسيق جهود الابتكار لدى البنوك المركزية”.
في مقال افتتاحي لصحيفة The Business Times Singapore بعنوان ” تغيير لون النقود – اتجاهات جديدة لأنظمة الدفع والعملات “، وصف كارستنز ” عملية التطور من خلال الابتكار ” بأنها تنمو بمعدل هائل. إن موضوع النقود الرقمي كله مبني على أساس الاعتقاد بأنه نتاج التطور الطبيعي. شيء غير مخطط له وببساطة استجابة لتطور التكنولوجيا. ولكن عليك فقط دراسة اتصالات المخططين العالميين (بما في ذلك BIS وصندوق النقد الدولي) لفهم أن نمو العملات الرقمية ليس عشوائيًا. لقد تم بذل جهد متضافر على مدار العقد الماضي بشكل خاص لنبذ ما يسميه عولمة ” الأصول الملموسة ” لصالح غير الملموس – الموجود في الأثير وليس في الشكل المادي.
هذا هو السبب في أن بنك التسويات الدولية قدم مراكز الابتكار، كخطوة تالية في تقدمهم نحو التبني العالمي للعملات الرقمية. إنهم يجسدون تمامًا الإستراتيجية العالمية المتمثلة في استخدام التدرج كوسيلة لتحقيق التغيير – في هذه الحالة، إعادة صياغة مفهوم ما هو المال وكيف يتم استخدامه. تُعد تقنية دفتر الأستاذ الموزع جزءًا كبيرًا من الطريقة التي سيعمل بها أي نظام للعملة الرقمية في المستقبل، وهو سبب تعيين مركز هونغ كونغ للعمل في هذا المجال تحديدًا.
يعد إدخال العملات الرقمية للبنك المركزي هدفًا واضحًا، ولكن وفقًا لكارستنز، في حين أنها تمثل ” قفزة تكنولوجية للأمام “، فهي ” ليست إعادة اختراع للمال “:
والسؤال الرئيسي الذي يخبر عمل مركز BIS Innovation Hub هو ما إذا كان المال نفسه بحاجة إلى إعادة اختراعه من أجل بيئة متغيرة، أو ما إذا كان ينبغي التركيز على تحسين طريقة تقديمه واستخدامه.
ماذا يعني كارستنز من خلال إعادة اختراع الأموال من أجل ” بيئة متغيرة “؟ أود التكهن بأنه لا يلمح كثيرًا إلى الشكل الذي ستبدو عليه الأموال في المستقبل، ولكن المزيد حول من سيكون له اختصاص على ذلك. هذا يجلب إلى التركيز المحصول الحالي من العملات الورقية. يعتبر الدولار العملة الاحتياطية العالمية، ولكن هذا وضع يخضع لتدقيق شديد في أعلى البنوك المركزية. هناك حوار متزايد للإيحاء بأن الدور المهيمن للمال من خلال عملة فيات واحدة سوف يتم التضحية به على مدار العقد المقبل لصالح نظام رقمي بالكامل يضم سلة من العملات (على غرار حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي) التي يتم استخدامها من خلال استخدام ‘ Stablecoins ‘. الشركات الخاصة هي الرائدة في مجال تكنولوجيا العملة المستقرة، ولكن في البنوك المركزية الموازية هي بصدد إصلاح أنظمة الدفع الخاصة بهم للتأكد من أنها متوافقة مع blockchain ودفتر الأستاذ الموزع.
في الوقت الحالي، أصبح النظام متاحًا من خلال البنوك المركزية والنقد الرقمي من خلال البنوك التجارية. لكن إلغاء النقد، ومعه أي شكل من أشكال عدم الكشف عن هويته، لن يضعف البنوك المركزية. تخبرنا برامجهم البحثية الشاملة في CBDC بأنها تستعد بنشاط لمستقبل بدون رأس مال مادي. من الجدير بالذكر أيضًا كيف يتم التشكيك في الدور التقليدي للبنوك التجارية باعتبارها المزود الوحيد للأموال الرقمية من قبل محافظي البنوك المركزية.
ويأمل بنك التسويات الدولية في أن يطلب المستهلكون أن يكون مستقبل المال، بصرف النظر عن الشكل الرقمي الذي تتخذه، مدعومًا بالأخوة المصرفية المركزية. سيعتمد الكثير من ذلك على المناخ الجيوسياسي، وما إذا كان الأفراد يرون أن الأحداث الناشئة عن أمثال رئاسة Brexit ودونالد ترامب هي سبب عدم الاستقرار الاقتصادي.
2025 هو آخر نقطة انطلاق في السعي نحو العولمة لترقيم الأموال بالكامل. في حين أنني أشك في أنهم قد يكونوا قد نجحوا بحلول ذلك الوقت، فإن الخطر يكمن في أن العالم سوف يتحرك في هذا الاتجاه خلال خمس سنوات.
BIS Announce New Appointments and Launch Singapore Hub Centre, Steven Guinness, https://stevenguinness2.wordpress.com/2019/11/15/bis-announce-new-appointments-and-launch-singapore-hub-centre/