الأثر القانوني لخطاب النوايا
في العديد من الحالات وخاصة في المعاملات التجارية، جرت العادة، أن يتفق الأطراف على توقيع وثائق قانونية في المرحلة التي تسبق توقيع العقد النهائي الأصلي الذي سينظم العلاقة التعاقدية بينهم. وهناك عدة مسميات لهذه الوثائق الأولية وأكثرها استعمالا هي “خطاب النوايا” (لتر أوف انتنت) أو مذكرة تفاهم (ميمو راندم أوف أندرستنادينق).
وخطاب النوايا، المشار اليه، يعتبر من المستندات التي يتم اعدادها قبل صياغة وثيقة العقد النهائية. وهذا الخطاب من المستندات التي يتوصل لها الأطراف ويتفقون عليها أثناء التفاوض أو خلال المرحلة الأخيرة لتي تسبق التوقيع على وثيقة العقد النهائية. وكلمة “خطاب النوايا” ظلت مستخدمة بين العامة لمدة من الزمن، وتعني ما تم تدوينه ليشمل الاتفاق الأولي (المبدئي) والذي يبين فيه الأطراف، أو أحدهما، الرغبة والنية في التعاقد مع الطرف الآخر على أمر معين.
وتوجيه خطاب، يتضمن او يعبر عن النوايا، من أحد الأطراف لآخر يعبر فيه عن الرغبة الأكيدة في التعاقد يعتبر أمرا شائعا في عدة دول خاصة في بعض العقود المعينة أو الباهظة الثمن أو التي تحتاج لتفاصيل عديدة. وفي هذه الخطابات، غالبا يوجه أحد الأطراف عرضا للطرف الآخر الذي يرغب في التعاقد معه وفق ما تناوله من تفاصيل في الخطاب، خاصة اذا وجد العرض قبول الطرف المعني. وهنا، وقبل الشروع في مفاوضة التفاصيل لتكملة ابرام العقد يقوم الطرفان بتوقيع مذكرة تتضمن رغبتهما في التعاقد وفق بعض الأسس والمبادئ والشروط . ويجب على من أرسل اليه الخطاب الرد بقبول العرض وتوضيح نيته في التعاقد وفق ما ورد في ذلك العرض.
السؤال الهام، ما هي القيمة القانونية لخطاب النوايا ؟ وهل له أثر قانوني ؟ وللإجابة على هذا السؤال، وفق القانون البحريني، نشير للمرسوم بقانون رقم ( 19 ) لسنة 2001بإصدار القانون المدني، حيث تنص المادة (43):
(اذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد وتركا مسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الاتفاق عليها ، أعتبر أن العقد قد تم ، وتقضي المحكمة في المسائل التفصيلية اذا لم يتم الاتفاق عليها طبقا لأحكام القانون وطبيعة العقد والعرف والعدالة). هذا محتوي النص في القانون المدني في دول الخليج، مع وجود بعض الاضافات في الصياغة، لكن المعني والقصد واحد.
كقاعدة عامة، وليكتمل العقد يجب اتفاق الأطراف على المسائل الجوهرية في العقد بحيث لا يتم العقد الا اذا حصل توافق وفق ارادة الأطراف على هذه المسائل. أما المسائل التفصيلية الثانوية فليست ضرورية لاكتمال قيام العقد بحيث يمكن للمتعاقدين ارجاء البت فيها الي أجل لاحق ومع ذلك يتم العقد. ولا يؤثر في قيام العقد عدم الاتفاق على المسائل التفصيلية الثانوية التي تترك للمستقبل، وفي مثل هذه الحالة يجوز أن تتولى المحكمة حسم الخلاف بين المتعاقدين حول تفاصيل هذه المسائل وفق طبيعة العقد والعرف والعدالة، ما لم يكن الأطراف قد اشترطوا عدم قيام العقد أصلا الا بالاتفاق على هذه المسائل فيما بينهم.
ان القواعد المذكورة أعلاه تنطبق على “خطاب النوايا” الذي هو في الحقيقة صورة من صور العقد، حيث يعبر عن تلاقي إرادتين حول المسائل الأساسية المتعلقة بصفقة ما، وفق ارادتهما ونيتهما المباشرة. وتتوقف القيمة القانونية لخطاب النوايا الي حد كبير على مضمونه ومحتواه وصياغته أي على مدى احتواء الخطاب على شروط وعناصر الصفقة الأساسية التي يقوم علي أركانها العقد. وتطبيقا للقاعدة المشار اليها، اذا انطوي خطاب النوايا على المسائل الجوهرية المتعلقة بالصفقة التي يزمع الأطراف ابرامها كان لخطاب النوايا قيمة قانونية كبيرة وفي هذه الحالة يكون العقد المتعلق بالصفقة قد انعقد ويصبح ملزما لطرفيه. ولو اختلف الأطراف لاحقا بشأن المسائل التفصيلية الثانوية فستتولى المحكمة المختصة حسم الخلاف بشأنها وفق طبيعة العقد والعرف والعدالة، وذلك ما لم يكن الأطراف (أو أحدهما) قد اشترطا صراحة لقيام العقد الاتفاق على المسائل التفصيلية الأخرى. ومن هذا ووفق نص القانون، يتضح أن وثيقة “خطاب النوايا” لها أثر قانوني وننصح بأهمية وجوب أخذ هذا الأمر في الحسبان لما له من عدة عواقب وآثار قانونية.